-A +A
«عكاظ» (الرياض)
لطالما كانت كرة القدم أحد أهم الأرضيات الجامعة للتعايش والسلام في العالم، لكن تبدو النسخة الـ 22 من كأس العالم لكرة القدم، والمزمع إقامتها في قطر عام 2022، الأكثر إحراجاً للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، كما تبدو أكثر إحراجاً لنجوم كرة القدم والمنتخبات الدولية المشاركة، إذ سيحاول 32 منتخباً التتويج باللقب، واللعب في ملاعب سقط على إثرها آلاف العمال جراء الظروف القاسية الأشبه بـ«العبودية» التي رافقت بناء تلك الملاعب والمنشآت في الدوحة.

ويشير حقوقيون إلى أن أرضية ملاعب كأس العالم ومدرجاتها الخرسانية «خضبت بدماء الكثير من الأبرياء من العمالة التي عاشت ظروفا لا إنسانية»، ورغم تكتم الدوحة عن أعداد المتوفين من العمال، إلا أن أرقاماً متفرقة جرى تسريبها لجنسيات بعينها تشي بكارثة إنسانية كبيرة.


وقدر تحقيق صحافي نشرته صحيفة «الغارديان الإنجليزية»، اعتمد على مصادر نيبالية وهندية رسمية، إلى تسجيلهم الوفاة في 676 حالة من بين 1025 حالة على الأقل لوفيات عمال نيباليين في قطر بين عامي 2012 و2017، و1345 حالة من 1678 حالة لعمال هنود في قطر بين 2012 وأغسطس 2018، في وقت لا تزال تؤكد منظمات حقوقية عدم تحسن ظروف العمل هناك.

واعترف النظام القطري لأول مرة بوفاة أحد العاملين في منشآت البطولة في أكتوبر 2016، بعد أن لقي عامل مصرعه جراء ظروف العمل في استاد الوكرة، الذي سيستضيف مباريات كأس العالم 2022، دون تقديم تفاصيل عن جنسية العامل أو طبيعة الحادث، في وقت كانت تقدر منظمات حقوقية وفاة 1200 عامل أثناء العمل في بناء هذه المنشآت.

وقبل أكثر من عامين كانت تحذر منظمات حقوقية من أن أربعة آلاف عامل قد يلقون حتفهم قبل افتتاح البطولة في 2022. إلا أن النظام القطري ظل دائماً ينفي تلك الاتهامات.

ويبدو أن آلاف العمال المتوفين جراء تلك الظروف لم يمتلكوا حظ العامل البريطاني زكاري كوكس (40 عاماً) الذي توفي أثناء عمله في تشييد استاد رياضي لكأس العالم في قطر، إذ وافقت للجنة القطرية المسؤولة عن تنظيم «كأس العالم 2022» على إجراء تحقيق واسع النطاق بقيادة قاضٍ بريطاني للتحقيق في الحادثة، فيما لم يحظ الكثير ممن رحلوا في ظروف العمل القاتلة لأي اعتراف رسمي ولا تحقيق سوى باستمرار الحكومة القطرية بنفي الاتهامات وتضليل الرأي العام العالمي تجاه الراحلين.

ويقف الكثير من نجوم كرة القدم على المحك الأخلاقي، خصوصاً ممن تعود إبداء آرائه السياسية والحقوقية تجاه الكثير من البلدان في العالم، بعد أن يعلن الحكم انطلاق المباراة الافتتاحية للبطولة على ملعب سُحقت على أرضيته جماجم الكثير من العمال الذين لا يُعرف عددهم حتى الآن.